السؤال: المنطقة كبيرة وواسعة وتحتاج إلى جهود متكاتفة، والبعض فيه الخير، ويكتفي بالرغبة الداخلية في العمل الدعوي دون مشاركة، فهل من نصيحة في ذلك؟
الجواب: أما سعة المنطقة وكثرة العدد فيها والمجال الرحب فهذا أمر مشهود، وينبغي ألاَّ يغيب عن البال أن تهامة تابعة لهذه المنطقة، وأن البادية هي تابعة أيضاً، فنحن كثيراً ما نتحدث ونقول الباحة، وبلجرشي وغيرها، ونرى التقصير حاصلاً فيما نرى الآن في هذه القرى والمدن التي حولنا، والحقيقة أن هناك فضاء أوسع مجالاً، فأقول: إن منطقة تهامة تمتد إلى البحر تقريباً ثم الشرق، والبادية إلى قريب من الطائف، ثم إلى جهات بيشة وما حولها، كل هذه يشملها اسم المنطقة، وعندما يكون مركز دعوي أو مكتب تعاوني فينبغي أن يغطي هذه المساحة وكل من فيها، ولا شك أن هذا عبء كبير.
أما الاكتفاء بالرغبة الداخلية، فالرغبة منفردة لا تحقق شيئاً، فلو كانت الرغبة في الطعام تكفي لاشتهى الواحد منا أن يأكل ولا يشبع، أو إذا عطش يرغب أن يحلم أو يتمنى أن يشرب، ولكن لن يذهب العطش ولن يرتوي، وكذلك إذا رغب أن يبني بيتاً، فلو تمنى -حتى الموت- فلن تأتي طوبة وتضع نفسها فوق الأخرى إلا أن يبني بيديه، هذه سنة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولم يجعل الله تعالى النعيم الذي يأتي بمجرد الرغبة والاشتهاء إلا في الجنة فقط.
لكن منذ أن أخطأ أبونا آدم عليه السلام، وكان ما كان بقدر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ونزلنا إلى هذه الأرض فلابد أن نكدح فيها، فهي دار كدح وعمل ودأب، لا يتأتى لك أي شيء إلا بتعب، ولو أردت أن تأخذ شهادة فلن تنالها إلا بتعب، ولو أردت أن تبني غرفة فلن تقوم إلا بتعب، ولو أردت أن تشتري سيارة فيلزم أن يكون معك مبلغٌ من المال... وهكذا، فلابد من بذل الأسباب، فكيف بأمر الله؟! وكيف بشراء الجنة وهي السلعة الغالية العظمى؟!
فمن أراد أن يسير على منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله وتقفي أثر الرسل الكرام في ذلك؛ فعليه أن يعلم أن هذا الأمر محتاج إلى رجال، وهم كما وصفهم ربهم بذلك، فقال: ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ)) [النور:36-37] وكلمة رجال كلمة عظيمة تدل على أنهم ليسوا مجرد ذكور غير إناث، وإنما المقصود أنهم الذين تحققت فيهم الرجولة، والرجولة معروفة شروطها عند العرب وعند غيرهم من الأمم.
فنحتاج إلى رجال أقوياء، ونحتاج إلى من يحمل هذه الدعوة، ويأخذ الكتاب بقوة، ويقوم لله تبارك وتعالى في كل مقام يريده الله بما يرضي الله، وبما يدحض شبهات أعداء الله تبارك وتعالى، ويقيم المنارة لهذا الدين العظيم، فلابد من ذلك.
ولا تكفي الرغبة أو حب الخير في العمل، فالنية الحسنة وحب الخير لاشك أنها الأساس، لكن الاكتفاء بها وحدها مع إمكان العمل لا يكفي، أما الاكتفاء بها فهو عند حالة العذر، كأن تعذر العمل تماماً وما بقي لديك إلا النية فالحمد لله.
لكن نحن الآن نتكلم عن مرحلة انفتاح، وعن مرحلة إقبال على هذا الدين ولا إدبار، فتجد الشاب الضال اليوم وتجده غداً وهو مهتدياً، تجده من كبار المجرمين والأشرار والفساق والممثلين، أو غير ذلك.
تجده بالأمس وهو في غيه يعمه، وإذا به اليوم قد تاب إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وأصبح داعية، فنحن الآن في مرحلة إقبال، وهذا يحتم علينا أن ننتهز هذه الفرصة وأن نزداد عملاً، وأن نحول هذه الرغبة في الخير إلى العمل بطرقه الشرعية المعروفة.